| الحكاية الأعمق من الحرب
في أبريل 2025، أصدر فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة والمعني بالسودان تقريره النهائي تحت عنوان: S/2025/239: التقرير النهائي لفريق الخبراء المُقدَّم وفقًا للفقرة 2 من القرار 2725 (2024)، والذي تم تقديمه رسميًا إلى مجلس الأمن في 17 أبريل 2025. وقد أعد التقرير خمسة خبراء مستقلين كُلّفوا بمتابعة وتقييم تطورات النزاع في السودان بموجب نظام العقوبات الأممي (قرار مجلس الأمن 1591).
جاء هذا التقرير ليُفند بشكل قاطع جميع الاتهامات التي ظلَّ يُروّج لها إعلام الجيش السوداني ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، زاعمًا تدخلها في دعم أحد أطراف النزاع. لكن التقرير – بوثائقه وتحقيقاته وشهاداته الميدانية – أثبت أن الحقائق أصدق من الضجيج، وأن الإمارات لم تكن طرفًا في إشعال الحرب، بل كانت حاضرة بدبلوماسيتها ومساعيها للسلام.
في كل حرب هناك روايتان: واحدة تُروّجها أدوات الدعاية، وأخرى تُكتب بوثائق وشهادات وحقائق. وفي حالة السودان، حيث يتقاطع الدم بالذهب، والحقيقة بالبروباغندا، جاء التقرير الأممي الأخير المعني بالسودان ليضع حدًا لسيل من الأكاذيب التي ظل يُردّدها إعلام الجيش المليشي، متهمًا دولة الإمارات زورًا بالتورط في تسليح وتأجيج الصراع.
لكن الحقيقة انتصرت. وها هو التقرير الصادر عن الأمم المتحدة ينفي بشكل قاطع أي تورط إماراتي في دعم عسكري أو تمويل أو تحريض، سواء بشكل مباشر أو عبر قنوات خفية.
لا تمويل ولا تسليح ولا تحريض
التقرير الأممي، والذي اعتمد على مصادر ميدانية موثوقة، ورصد للرحلات الجوية، وتحقيقات مع أطراف متعددة، أكد بوضوح:
“لا دور لدولة الإمارات، لا تمويلاً، لا تسليحاً، لا تحريضاً، ولا حتى شبهة رمادية في تأجيج الصراع السوداني.”
إنها شهادة دولية، تُكذّب ما ظلَّ الجيش السوداني يُلوّح به أمام شعبه، وأمام العالم، بحثًا عن مظلومية ملفقة يُخفي بها جرائمه وفشله الذريع.
إفشال الوساطة: غياب الجيش لا غياب الإرادة الدولية
من أبرز ما ورد في التقرير أن غياب الجيش السوداني عن محادثات جنيف، والتي كانت مدعومة من دول فاعلة كالإمارات ومصر والاتحاد الأفريقي، كان سببًا مباشرًا في فشل تلك المحادثات.
أي أن من يُروّج لادعاء “الحياد والتمسك بالحل السياسي”، هو نفسه من أفشل أهم مبادرة سلام كانت قادرة على وقف النزيف.
فأين الحديث عن السيادة، عندما تكون المفاوضات لا تهمك، لكن الحرب تهمك أكثر؟
لا شبهة تدخل عسكري
أكد التقرير عدم وجود أي دليل مادي أو استخباراتي على أن الإمارات قامت بتوريد أسلحة أو معدات عسكرية لقوات الدعم السريع، كما لم يتم التثبت من أن الرحلات الجوية إلى تشاد كانت تحمل أي دعم لوجستي.
هذا يعني أن كل ما قيل عن “التمويل الإماراتي للحرب” مجرد وهم تردده كتائب إلكترونية ومراكز دعاية داخل حكومة بورتسودان.
صفعة في لاهاي: سقوط الشكوى أمام محكمة العدل الدولية
الأهم، أن التقرير قوض أساس الشكوى التي تقدمت بها حكومة بورتسودان ضد دولة الإمارات في محكمة العدل الدولية، إذ لم يستطع الجيش السوداني أن يقدّم أي دليل حقيقي يدعم دعاواه.
وبالتالي، فإن تلك الشكوى فُضحت دوليًا، وسقطت قانونيًا، وستُسجّل تاريخيًا كواحدة من أكثر محاولات التضليل فشلًا.
الإمارات… الموقف الذي لا يُنكر
اختارت دولة الإمارات العربية المتحدة أن تنحاز إلى السلام لا القتال، وإلى الإنسان لا السلاح، وإلى الحق لا الشعارات؛ لأنها تدرك أن بناء الأوطان لا يكون بالرصاص، بل بإطفاء نيران الأحقاد، ولا يُقاس الحضور الدولي بمقدار ما تفرضه الجيوش، بل بما تبنيه القلوب والعقول من جسور ثقة وشراكة.
لم يكن انحياز الإمارات للسلام موقفًا ظرفيًا أو ردّ فعل على أزمة، بل خيارًا استراتيجيًا متجذرًا في قيمها السياسية والإنسانية، يتجلى في دعمها المستمر للمبادرات الدولية، وفي حضورها الفاعل كوسيط نزيه، وفاعل خير في ساحات الأزمات.
قدّمت الإمارات دعمًا ملموسًا لمبادرات السلام من جنيف إلى جدة، وعملت مع شركاء دوليين فاعلين لدفع مسارات التفاوض لا لتخريبها. كما حافظت على موقعها كفاعل إنساني رائد، من خلال الجسور الجوية، والإمدادات الطبية، والدعم اللوجستي للاجئين، والمشروعات التنموية في دول الجوار التي استقبلت النازحين.
في كل ذلك، لم تسعَ الإمارات إلى فرض نفوذ أو جني مكاسب سياسية، بل كانت رؤيتها واضحة:
أن السلام يبدأ من احترام كرامة الإنسان، وأن لا حل دائم في السودان دون عدالة شاملة، وتنمية حقيقية، وتوزيع عادل للسلطة والثروة.
وفي عالمٍ تُغلفه الأصوات العالية والدعاية الكاذبة، بقي صوت الإمارات ثابتًا… هادئًا، لكنه واثق وواضح: لا سلام يُبنى على الدم، ولا دولة تقوم على أنقاض الإنسان.
من يحاول إلصاق تهمة الحرب بغيره، يفضح نفسه حين يعجز عن إثبات ادعائه.
والتقرير الأممي الأخير كان بمثابة مرآة عاكسة: لموقف أخلاقي واضح من دولة الإمارات، ولخطاب تضليلي مكشوف من حكومة بورتسودان.
📎 للاطلاع على التقرير الرسمي:
🔗 https://www.un.org/securitycouncil/en/sanctions/1591/panel-of-experts/reports
في نهاية المطاف، ما يبقى هو الحقيقة…
لا شعارات الميليشيات، ولا فبركات الدولة العميقة.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.