منع القنوات الفضائية من تغطية الأحداث .. ماذا تخشى حكومة الأمر الواقع في بورتسودان ؟
تقرير – عين الحقيقة
في خطوة تكشف مدى تخبط سلطة الأمر الواقع في بورتسودان وتعكس توجهها الدكتاتوري في إدارة البلاد، أصدر وزير إلاعلام ، خالد الأعيسر، قرارًا قضى بمنع القنوات الفضائية الأجنبية من البث المباشر إلا داخل مكاتبها.
جاء القرار في خضم الأزمة الأمنية التي تعرضت لها سلطة الأمر الواقع بتعرض مدن تحت سيطرتها بما فيها العاصمة الإدارية بورتسودان لهجوم عنيف وغير مسبوق بالمسيرات، الأمر الذي أربك حسابات قادة الحكومة ، وتسببت في عجز وشلل تام في مواجهة العسيرات. واختفى مراسلو القنوات الفضائية من الظهور المباشر في مناطق الأحداث في اليومين الماضيين بعد حملات تحريضية من مؤيدي معسكر الحرب ، توقف القنوات الفضائية.
مراقبون عزوا قرار وزير الإعلام المتهور إلي خشية سلطة الأمر الواقع من كشف حقائق الهجوم بالمسيرات الذي ادى إلى خسائر كبيرة في عتادتها العسكرى وفي منشآت عسكرية.فيما رأى آخرون أن قرار الاعيسر بمنع التغطية الإعلامية للحيلولة دون كشف عورات الحكومة في ضعف سياجها الأمني في منع أي هجوم يُوجَّه إلى دوائرها الأمنية والسيادية، إلى جانب منع كشف حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت الحكومية والمدنية.
نقابة الصحفيين السودانيين تعرب عن بالغ قلقها إزاء الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها وزارة الإعلام..
واعربت نقابة الصحفيين السودانيين في بيان لها، عن بالغ قلقها إزاء الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها وزارة الإعلام، والتي تمثل تراجعاً خطيراً في مسار حرية الصحافة والعمل الإعلامي بالبلاد. وكشفت النقابة أن الإجراءات التي اتخذتها سلطة بورتسودان تشمل فرض قيود صارمة على أنشطة القنوات الفضائية، واشتراط الحصول على تصاريح مسبقة لتسجيل إفادات من الشارع العام، فضلاً عن حظر البث المباشر خارج مقار المؤسسات الإعلامية، واعتبرت النقابة أن ذلك يشكل انتهاكاً واضحاً لحق المجتمع في الوصول إلى المعلومة، وتضييقاً متعمداً على العمل الصحفي الميداني.
و أشارت النقابة إلي أنها تتابع بقلق شديد تصاعد حملات التحريض والتشويه التي تستهدف الزميلات والزملاء من مراسلي القنوات الإخبارية، من خلال اتهامات خطيرة وغير مسنودة، تزعم قيامهم بنقل إحداثيات مواقع حساسة، وهو ما يشكل تهديداً مباشراً لحياتهم وسلامتهم، ويمهد لمناخ عدائي،
قد يعرضهم للاستهداف والعنف.
مؤكدة أن هذه الاتهامات التحريضية، المتزامنة مع الإجراءات التقييدية الرسمية، تمثل نمطاً ممنهجاً لتجريم الصحافة الحرة وتكميم الأفواه، في لحظة مفصلية يحتاج فيها الوطن إلى إعلام مهني مسؤول ينقل الحقيقة ويُسهم في كشف معاناة المواطنين وتسليط الضوء على الواقع كما هو، دون تزييف أو تضليل.
(شعيب) الأعيسر يعيد للأذهان تجربة الرقابة الأمنية المسبقة على الصحف حين كان ضابط الأمن يقوم بمقام رئيس التحرير..
ووصف الكاتب الصحفي المعروف صلاح شعيب قرارات الوزير الاعيسر بالبطلان الاعلامي الذي لا يدانيه آخر في كل مناطق الأحداث في العالم.وقال (شعيب) وبهذا المستوى يعيد الأعيسر للأذهان تجربة الرقابة الأمنية المسبقة على الصحف حين كان ضابط الأمن يقوم بمقام رئيس التحرير لينشر هذا، ويرفض ذاك، ويتحفظ أحياناً. واضاف إن العرف الدولي الذي جرى في المجال هو أن مراسلي الصحف، والإذاعات،والفضائيات، سيظلون محل ثقة ما دامت الحكومات المعنية وافقت على القيام بأدوارهم في تغطية الأحداث، والحروب، وإجراء الحوارات مع المسؤولين. ومن حق هذه السلطات سحب تراخيص الموافقة على مهمة المراسل إذا رأت أنه بحق – أو غير حق – غير مرغوب فيه كما هو حال تعاملها مع الدبلوماسي. إن شاءت أبعدته خلال أربعة وعشرين ساعة، أو أسبوع، أو شهر، وهذا نادر.
وقال صلاح شعيب اعتقد أن الأفضل للوزير الهمام أن يمارس سلطته هذه بدلاً عن اختراع ما لم يأت به أوائل وزراء الثقافة والإعلام. أما وإن كان أراد بتصريحه هذا أن يمارس ضربة استباقية حتى ينقل مراسلو الحدث والعربية مثلاً ما يروق له من أحداث فإنه يكون قد خان شرف المهنة التي مارسها أثناء فترة عمله في إحدى القنوات التلفزيونية، بل يصبح من حقنا التشكيك في أصالة دوره كإعلامي حينما كان ينادي معنا بإسقاط نظام الحركة الإسلامية لتحقيق شعار حرية، سلام، وعدالة. على أن وقوف الأعيسر الآن ذاته مع حكومة بورتسودان التي انقلبت على إجراءات الانتقال الديمقراطي لثورة ديمسبر لهو أكبر دليل على أن السيد الوزير فضل التزوير على التنوير.
ويقول الأستاذ صلاح شعيب نحن نفهم أن مسؤولي حكومة بورتسودان التي سطت على مكتسبات ثورة ديسمبر التي شارك فيها الأعيسر نفسه بفاعلية واقعون تحت ضغط الأحداث الأخيرة، والتي رافقتها قرارات غضب مثل قطع العلاقة مع الإمارات التي قدمت للسودان دعماً سخيا لأكثر من نصف قرن، ذلك بخلاف أنها آوت ملايين الخبرات السودانية الذين ساهموا في تعميق أواصر الشعبين. وكان الأحرى بالوزير، وحكومته، فتح قنوات التعامل الدبلوماسي المعروفة مع سلطات الإمارات، ولومها على دعم الدعم السريع وفقاً للحيثيات التي يمتلكونها، وذلك بأمل التوصل لحلول ودية حتى لا يصيب الضرر العلاقة، ومصالح مواطنينا في الإمارات. ولكن أن يصعد وزير إعلام حكومة بورتسودان هجومه على الدولة بلا نهج دبلوماسي، ويرفق ذلك بتهديد المراسلين الأجانب فإن هذا لا يسهم في غذ السير نحو سياسة رشيدة للتعامل مع مجريات الأحداث في بلادنا.
اعتماد الغضب، ورفع نبرة الصوت التي ينتهجها الأعيسر في حديثه، ومعالجته الغاضبة لأزمة حكومته، يضر بالبلاد أكثر مما ينفع..
و أكد صلاح شعيب أنها لم تكن هذه المرة الأولى لرغبة حكومة بورتسودان في تحجيم عمل مراسلي الفضائيات بعد مثول الانقلاب في 21 اكتوبر 2021. فقد تعرض مراسلوا القنوات الفضائية للتضييقات، وكانت آخرها ما عانته زميلتنا مها التلب من اعتقال، وتهديد حياتها.
ورأي (شعيب) إن اعتماد الغضب، ورفع نبرة الصوت التي ينتهجها الأعيسر في حديثه، ومعالجته الغاضبة لأزمة حكومته، يضر بالبلاد أكثر مما ينفع. ولعله بحاجة إلى أصدقائه المقربين لينصحوه بتبني اللغة الهادئة، وألا يعتمد على طريقته الغاضبة دوماً، والتي دشنها للرأي العام بتقديم استقالته الثائرة عبر الهواء مباشرة. فوزير الثقافة والإعلام بمثابة قلب الدفاع للدبلوماسيين، باقتصاد لغته، ورصانتها، وهدوئها أيضاً.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.