القوات المشتركة.. بين نيران المعارك ومواجهة خطاب الكراهية

تقرير- عين الحقيقة

تصاعدت في الآونة الأخيرة حِدة خطاب الكراهية المحرّض ضد القوات المشتركة، وسط اتهامات مباشرة من مراقبين وفاعلين في منظمات المجتمع المدني بتورط جهات رسمية محسوبة على الحركة الإسلامية وجهاز الأمن والمخابرات السابق في تغذية هذا الخطاب، الذي بات يهدد تماسك الجبهة الداخلية ويغذي الصراعات الاجتماعية والسياسية في البلاد.

وبحسب متابعون للشأن الإعلامي والسياسي، فإن خطاب الكراهية لم يكن وليد اللحظة، بل هو جزء من منظومة أوسع تسعى لتشويه صورة القوات المشتركة، التي لعبت دوراً محورياً إلى جانب الجيش في حرب أبريل، حيث قاتلت إلى جانبه وكتائب الحركة الإسلامية بدواعي حرب الكرامة والدفاع عن الوطن.

وفي ضوء ذلك، ذكرت مصادر إعلامية مطلعة  لصحيفة (عين الحقيقة) عن وجود غرف إعلامية يديرها ناشطون على السوشيال ميديا وكتاب صحفيين وإعلاميين محسوبون على التيار الإسلامي، بعضهم على صلة بجهاز الأمن والمخابرات، يتولون الإشراف على إنتاج وتوزيع محتوى إعلامي ممنهج يستهدف القوات المشتركة، ويصورها كقوة تفتقر إلى الوطنية، ومرتزقة مدفوعين بأجندات اجتماعية وإثنية وعرقية.

حقوقيون: الإعلام الرسمي في بعض وسائله بات يوفر منصة للتحريض والترويج لمفاهيم استعلائية أو عنصرية تجاه بعض المكونات الإجتماعية..

وفي هذا المنحى، قال ناشطون حقوقيون إن الإعلام الرسمي في بعض وسائله بات يوفر منصة لهذا النوع من التحريض لترويج من خلاله لمفاهيم استعلائية أو عنصرية تجاه بعض المكونات الإجتماعية التي تشكل عماد للقوات المشتركة، منوهين إلى أن “هناك صحفاً وبرامج ومنصات إلكترونية تتبنى هذا الخطاب بطرق مباشرة وغير مباشرة، وتغذيه بمحتويات مفبركة تسلط الضوء على حوادث فردية معزولة لإدانة القوة بأكملها، مستدركين” أن هذا الخطاب لا يمكن فصله عن السياق الاجتماعي والإعلامي المعقد الذي تمر به البلاد، خصوصاً فيما يتعلق بملف تقسيم السلطة والثروة في اتفاق سلام جوبا، الذي ظل على الدوام يشكل بؤرة للصراع بين النخبة المركزية والحركات المسلحة التي تتشكل منها القوات المشتركة.

وفي الإطار ذاته، يرى المدافع عن حقوق الإنسان عبد الكريم محمد الضي، أن استهداف القوات المشتركة ليس مجرد استهداف عسكري، بل في جوهره استهداف سياسي يهدف إلى إضعاف الأطراف التي يمكن أن تمثل بدائل فعلية لمراكز القوي التقليدية المثتأثرة بالسلطة والثروة، مشيراً إلى أن بعض الجهات ترى في هذه القوات تهديداً لتركيبة السلطة التي تهيمن عليها مجموعات محددة منذ عقود، ولذلك فإن تشويه سمعتها هو وسيلة لتقويض شرعيتها وتمثيلها.

وتابع المدافع قائلاً: هناك خشية من أن تشكل القوات المشتركة قاعدة دعم لأي صيغة سياسية جديدة تعيد تشكيل المشهد، بما في ذلك قضايا العدالة الانتقالية والمصالحة وتوزيع الموارد وهذا ما يفسر التصعيد الإعلامي ضدها”، مستطرداً: “رغم تصاعد خطاب الكراهية، لا تزال الحكومة بمؤسساتها الرسمية تلتزم الصمت حيال هذه الانتهاكات الإعلامية، في وقت يُفترض فيه أن تكون القوات المشتركة جزءاً من القوات المسلحة السودانية، التي تستحق الحماية القانونية والاعتراف بدورها.

تقارير حقوقية: السودان لا يزال يفتقر إلى قوانين واضحة تحظر خطاب الكراهية وتحاسب على التحريض العنصري

وفي سياق متصل، يعتقد مراقبون أن الصمت الرسمي يُفهم على أنه تواطؤ ضمني وعدم اكتراث، من شأنه أن يشجع أطراف خطاب الكراهية على الاستمرار في حملتها دون محاسبة أو مساءلة.

وفي ذات الاتجاه، أشارت تقارير حقوقية إلى أن السودان لا يزال يفتقر إلى قوانين واضحة تحظر خطاب الكراهية وتحاسب على التحريض العنصري، الذي يفتح الباب واسعاً أمام الانتهاكات اللفظية والمعنوية التي تطال أفراداً ومؤسسات، بما في ذلك القوات المشتركة.

وحذرت التقارير من أن استمرار هذا النوع من الخطاب قد يؤدي إلى تفكك اجتماعي، ويغذي النزاعات الإثنية، لا سيما في بيئة هشة تعاني من آثار الحرب والانقسامات الاجتماعية والسياسية.

وعلى صعيد القوات المشتركة، طالبت الأجهزة الإعلامية التابعة لها، في بيانات إعلامية سابقة، حكومة بورتسودان بفتح تحقيق عاجل في مواجهة حملات التحريض وخطابات الكراهية التي تستهدفها، متهمة جهات رسمية بالوقوف وراء انتشار هذا الخطاب، سواء من داخل الدولة أو من خارجها. كما دعت إلى ضرورة إصلاح الإعلام الرسمي وضمان حياديته، ومراجعة ميثاق الشرف الإعلامي، حتى لا يُستخدم كأداة للتقسيم والتفرقة، بل كوسيلة لتثبيت قيم التعدد والعدالة والمواطنة.

ظلت القوات المشتركة، التي تقاتل بجانب الجيش منذ اندلاع حرب 15 أبريل2023، تواجه معركة جديدة، ليست في ميادين القتال، بل في ساحة الرأي العام، حيث تحاول بعض القوى السياسية والاجتماعية والإعلامية النيل منها ومن مشروعها السياسي، فضلاً عن التركيز في خطاب إعلامي يبعث برسائل مفادها إذكاء العنصرية وبث خطاب الكراهية، أملاً في أن ينتصر هذا الخطاب على الحقائق الميدانية المرتبطة بدورها في خوض غمار حرب أبريل.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.