صراع السلطة والثروة .. تصاعد الخلافات داخل المشتركة حول توزيع الحقائب الوزارية.

بورتسودان - عين الحقيقة

مع دخول الحرب في السودان عامها الثالث، بدأت تزداد التوترات داخل حلفاء معسكر “بورتسودان” حدة وخصوصا الحركات المسلحة والتي تسمى (بالقوة المشتركة) وتزامنت التوترات مع إعلان _ عبد الفتاح البرهان قائد الجيش السوداني _ تعيين كامل إدريس رئيسا ً للوزراء وحل حكومة بورتسودان والتي تشارك فيها الحركات المسلحة بمقعد في السيادي ووزراء في الحكومة التنفيذية بإستحقاق سلام جوبا.

ولفهم طبيعة الصراع داخل المشتركة والتناقضات داخل التحالف لفترة ما قبل توقيع إتفاق جوبا للسلام بين حكومة الثورة وبين مكوّنات “الجبهة الثورية” التي إنقسمت لتيارين، الأول بقيادة رئيسها الهادي إدريس، والثاني بقيادة رئيس حركة جيش تحرير السودان “مني أركو مناوي” والذي رفض تولي الهادي إدريس لرئاسة التحالف ليذهب كل طرف للتوقيع لوحده.

لم تتوقف هذه الخلافات التي كانت تحملها الجبهة الثورية بداخلها حتى خرجت للسطح مرة أخرى وذلك داخل مكون الحرية والتغيير الذي يضم إلى جانب الجبهة الثورية مكونات سياسية ومهنية ليكتب ذلك الخلاف نهاية للفترة الإنتقالية بإنقلاب 25 أكتوبر 2021 م.

نجح البرهان في إستخدام الحركات جيدا والآن يقوم بمناورة السلطة مقابل القتال ضد الدعم السريع، ولكن القوة المشتركة خاب أملها بتعيين كامل إدريس…

فالقوة المشتركة تحمل إرث من التباينات والتناقضات داخل مكوناتها وهو ما تسقط فيه دائما ً عند أي إختبار أمام السلطة بالإضافة إلى تاريخها الحافل بتوقيع إتفاقيات لا حصر لها مع نظام المؤتمر الوطني الذي نجح في إختراقها في عدة مرات.

هذه المرة لا تختلف عن سابقاتها، فقد نجح البرهان في إستخدامها جيدا والآن يقوم بمناورة السلطة مقابل القتال ضد الدعم السريع، ولكن القوة المشتركة التي كانت تطمح في الحفاظ على مكتسبات اتفاق جوبا وتعزيزها بتولي رئاسة الوزراء خاب أملها بتعيين كامل إدريس.

ويعزي هذا التجاهل من قبل البرهان لحلفائه إلى الهزائم التي تلقتها القوة المشتركة في عدد من المحاور وفقدانها لمواقع إستراتيجية وعجزها عن فك حصار الفاشر، بالإضافة إلى ما تداوله الإعلام من فساد وتجاوزات مالية كبيرة وإستغلال للسلطة من قبل عناصر القوة المشتركة.

وتشير الأوضاع إلى أن القوة المشتركة تعيش أوضاعا معقدة، ففي داخل حركة العدل والمساواة والتي يتولى رئيسها وزارة المالية في السابق تشهد خلافات حادة بشأن ترشيح خلفا ً جديدا لجبريل، وعلى صعيد حركة تحرير السودان التي يقودها مني اركو مناوي والذي طالب في مرات عديدة بتولي نائب أول لمجلس السيادة ووزارة الدفاع، فقد عبر عن إمتعاضه بتسريب ما يدور في إجتماعات مع شركاؤه في حكومة بورتسودان، مشيرا ً إلى أن افراد من جهات عليا هي من تقوم بتسريب الإجتماعات.

بات من الواضح أن القوة المشتركة تركز دوماً على المكاسب السياسية أكثر من الشعارات التي ترفعها ..

ويبدو أن الأوضاع مفتوحة على إحتمالات عديدة، وبينما نجح البرهان في إحراج حلفائه بإختبار مغادرتهم لكابينة القيادة ووضعهم أمام حجج التبرير المستمر والمستميت عن أحقيتهم بالسلطة، فإن قادة القوة المشتركة قد تأكدوا بأنهم أدخلوا انفسهم في ورطة كبيرة بالانحياز لصالح الجيش والقتال في صفه والمهمة التي قد تنتهي بطردهم من السلطة وبقائهم كحراس للدولة أو (بندقجية).

وبات من الواضح أن القوة المشتركة تركز دوماً على المكاسب السياسية أكثر من الشعارات التي ترفعها والتي دونها قد قدموا تنازلات أضعفت من قواها، وهو ما يجعل مغامرتهم في السلطة تنتهي سريعا.

فالصراع داخل المشتركة حتى وان انتهى بمشاركتهم مجددا ً في السلطة فسيبقى قائما، وذلك لهشاشة بنية تكوينها ويبقى الصراع داخلها قائما حول السلطة ، هذا إذا لم تشهد الأوضاع داخل معسكر بورتسودان منحى التصعيد العسكري.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.