العلمانية تحمي الاديان والمعتقدات
بقلم الاستاذ نجم الدين دريسة
مفهوم العلمانية اكثر المفاهيم التي تعرضت للتشويه في اذهان مجتعماتنا الاسلامية والمعلوم انه علي مر التاريخ هنالك تفاعل وتعارض بين المفاهيم البشرية والمفاهيم الدينية المقدسة الامر الذي انتج مصطلحي العلمانية والثيوقراطية…ما يدور في اذهان الكثيرين ان العلمانية تتعارض مع الدين وهذا حديث لا يقوم علي أي حوامل عقلية وموضوعية لأنها ومن خلال الممارسة هي الضامن لحرية العقيدة كما الحال في اوربا ولا تؤدي الي اي ردة دينية كما يزعم البعض ففي فرنسا مثلا تجد ان الكنائس لم تغلق والشعائر لم تقف والمسلمين لهم حقوقهم كاملة علي عكس ما يحديث في البلدان الاسلامية من صراع مذهبي وبالتالي تطبيق العلمانية يحمي الدين في السودان علي سبيل المثال هنالك ما يظلوا يمارسون التحايل علي مجتمعاتهم فقط خوفا من وصمهم بالزندقة والخروج فالصادق المهدي علي سبيل المثل في ورقة له عن (يسالونك عن العلمانية) اشار الي ان الإسلام يدعو الي مفهوم الدولة المدنية مشيرا الي ان الإسلام ليس كالمسيحية التي ركزت علي الغيب والاسلام وفق بين الاضداد وجمع بين عالمي الغيب والشهادة ولكنه أكد علي المواطنة هي أساس الحقوق والواجبات ومضي نحو ذات المبادئ التي ارستها العلمانية وبالتالي يبدو ان الإمام خلافه الجوهري مع العلمانية فقط المصطلح لأن كل تحدث عنه مما اسماه الفرائض السياسية في الإسلام (الحرية والعدل والمساواة والشوري) وهنا ذكر الشوري لا تتحقق في عصرنا الحالي إلا بالديمقراطية وكل إجتهادته في ربط الأصل بالعصر هي تمثل جوهر العلمانية وهذا هو موقف كثير من أهل الصحوة الاسلامية وهو موقف متقدم الي حد ما مقارنة بالجماعات السلفية والاسلام السياسي التي ظلت تعمل علي استغلال بطريقة نقلية بعيدة تماما عن العقل الذي يقولون عنه انه مناط التكليف وبالتالي هناك ضرورة لايقاف سلطة رجال الدين لأن كل الموجودات تخضع لسلطان العقل والمنطق وهنا تحضرني مقولة إبن رشد (لا يمكن ان يعطينا الله عقولا ثم يعطينا شرائع مخالفة لهذه العقول).
مؤكد لا توجد وصاية للناس ولا حتي الدولة ولكن هنالك مفاهيم تبدو مختلطة في أذهاننا وإختلالات ربما تكون متعلقة بأجهزتنا المفاهيمية لا العلمانية حسبما وردت هي ليست دينا بديلا وليست كفرا وإلحادا ولا خروجا عن الدين والاعتقاد وليست عقيدة هي منهج تعامل وتعاطي الدولة مع قضايا الحكم والسياسية والادارة والاقتصاد وبالتالي هي ليست الدين علي الاطلاق بل أكاد أجزم ألا حماية للاديان والمعتقدات إلا من خلال ارساء دعائم الدولة العلمانية وهي علي عكس الدولة الدينية (الثيوقراطية) التي تحيط نفسها بهالة من القداسة وامتلاك الحق الالهي ومصادرة الحقوق الاخري ومن يحكمها يمثل ظل الله في الأرض هي دولة تقوم علي دين واحد وتحميه وتعمل علي تصفية وإبعاد الاديان الاخري وهي فكرة قائمة علي رفض المعتقدات ومصادرة حق الاعتقاد والاعتناق للاخرين ولكن العلمانية تحمي كل الاديان وتقف علي مسافة واحدة من كل المعتقدات ولكنها ضد من يحتكر الدين .
هنالك أوهام سائدة في مجتعماتنا وتصورات خاطئة مفادها أننا الافضل الاكثر نقاءا والاصفي ايمانا والاكثر تقوي وورعا وملائكية وأن لدينا مهام مقدسة من السماء وفقا لاعتقاداتنا وقناعاتنا الميتافيزيقية وهستيريا هداية الاخرين وجعلهم نسخ متشابهة هذا أمر لن يتحقق العلمانية توفر لك حرية الإعتقاد ولكنها لا تدخل لك هذا الاعتقاد في نظام الدولة وبالتالي ليس من دور الدولة مغازلة المسلم بلافته بنك اسلامي ولا حتي المسيحي بمصرف مسيحي وكذا الحال مع باقي الاديان وكريم المعتقدات لأن الاقتصاد علم والعلمانية لا تقوم علي الاجناس ولا العقائد فيها توجد اختلافات مذهبية ولكنها لا تؤدي الي القتل علي أساس المذهب لا توجد هذه المشاهد المأسوية في العلمانية.
هنالك حديث أو قول مأثور لابن المقفع قال فيه ( الدين هو تسليم بالايمان والرأي تسليم بالخصومة فمن جعل الدين رأيا فقد جعله خصومة ومن جعل الرأي دينا فقد جعله شريعة) حديث عقلاني قال قبل تتعرف أوربا علي العلمانية ولكن للاسف كان مصيره ان قتله بطريقة غاية في البشاعة تم تقطيعه إربا إربا وشواء كل قطعة علي النار وهذا بالطبع حال كل من حاول إعمال العقل في دين الدعوة بالتي هي أحسن الذي شوهت ديباجته الوضاءة من قبل الحكام الذين حولوه الي ملك عضوض فمن منا لا يذكر حادثة اغتيال لكل من سعي لاعمال العقل الذين دعا له القران في اكثر من سبعين موضع… لكن اروبا استشعرت الخطر عندما اعدمت الكنيسة جاليلو عندما اشار الي كروية الأرض وقدمت معالجات موضوعية قادت للنهضة والاستقرار التي تشهدها بلادنهم ولكن نقتل مفكرينا د.فرج فودة والاستاذ الشهيد محمود محمد طه دون ان يرف لنا جفن لأننا فقط نظن ان افكارهم النبيلة هي مؤمرات اشرار ارادوا النيل من الإسلام.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.