مـــلحمــة الأبطــال الخـــالـــدة مــن مـــياديــن القــتال إلــى ساحات الاحـــتفال قــــصة نصــرٍ صنـــعه الأوفيـــاء

أ/سليـــــم مـــحمــد عبـــداللــه

فــي لحـــظةٍ تخـــتلط فيها دموع الفرح بصدى الرصاص، تكــتب مدينـــة الفاشر فــصلًا جديدًا من فصول النصر السودانـــي
من قلب دارفور، حيث يمتزج التاريخ بالكرامة، خرجت أصوات الأبطال لتعلن أن الإرادة لا تُهزم، وأن الوطن لا يُباع ولا يُغلب.
كانت الفاشر مدينة السلطان والتاريخ والمجد رمزًا للثبات ومهدًا لعقيدة التأســـيس التي آمنت بأن قضية الإنسان هي أقدس معركة يمكن أن يخوضها وطن

فــي صبـــاح يــوم الأحـــد، ومن بين أزيز الرصــاص وهمـــسات الأمــل، أشرقــت شمــس الانتصار على {فــاشــر} دارفور، لتعلن أن الفاشر تحرّرت وأن عهد الانكــسار قد انتهى.
وفي مقدمة الصفوف، كان المراسل الحربي ياســـين أحـــمد ورفاقه يوثّقون لحظةً سيسجلها التاريخ بمدادٍ من ذهب، لحظةً انتصر فيها الإيمان على السلاح، والوطن على الخذلان.

وفي العاصمة الأوغندية كمبالا، احتضن مركز إدراك للخدمات الإعلامية احتفالًا رسميًا مهيبًا بهذه المناسبة التاريخية، بحضور أعضاء المجلس الرئاسي لحكومة التأســــيس، يتقدمهم المـــناضــل الأســـــتاذ حامد النويري، إلى جانــب الهيئات المدنية والإعلاميـــين والمحامين وممثلي الجاليات السودانيــة، الذين اجتمعوا ليحتفلوا بيومٍ من أيام العزّة والسيادة

تحـــدثت الأســـتاذة ممثـــلة المــرأة عن ثــورة ديسمبر المجيدة وما حملته من معاني الوعي والكرامة، مؤكدةً أن المرأة السودانية كانت وما تزال قلب الثورة النابض، وداعيةً إلى الاهتمام بالتعليم وتمكين النساء والأطفال، وترسيخ التعايش السلمي في المناطق المحرّرة. كما وجّهت نداءً عاجلًا إلى المنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية لمساندة الشعب السوداني ودعم مسيرة الاستقرار والسلام

ثم تحدث الأســتاذ صالح جمعة، ممثل تحالف “قــــمم” مســتهلًا كلمته بالرحمة والمغفرة لشهداء السودان منذ الاستقلال وحتى اليوم، مشيدًا بتضحيات الأبطال الذين ارتقوا منذ الخامس عشر من أبريل 2023 دفاعًا عن حرية الوطن وكرامة المواطن. وقال:
“لقد قدّم الأبطال أرواحهم فداءً للسودان، ليتحرّر من حكم شرذمةٍ أنهكت الوطن منذ عام 1956 ولتبدأ مسيرة جديدة نحو دولةٍ عادلةٍ تسودها المواطنة والكرامة”

أمــا الأســتاذ حامد النـــويري، فقــد تحدث بلغةٍ صادقةٍ عن ليلة الخامس عشر من أبريل المشؤومة، حين تعرّضت قوات الدعم السريع ورفاقها إلى غدرٍ وصفه بـ“طعنة الخيانة من جيش الحركة الإسلامية”.
وأكد النويري أن تلك اللحظة لم تكسر إرادة الأبطال، بل زادتهم إيمانًا بعدالة قضيتهم، موضحًا أن هذه ليست حرب نفوذ أو سلطة، بل حرب كرامة ووجود وإنصاف للمهمشين

وقــــال النويــــري:::
“إن قضية التـــأســـــيس هي قضية الإنسان السوداني أولًا، لا قضية شخصٍ أو فئة. هي معركة من أجل العدالة والمساواة، ومن أجل أن يعيش كل سوداني في وطنٍ لا يُفرّق بين أبنائه.”
وأضاف أن السلام الذي تنشده حكومة التأسيس هو سلامٌ يقوم على الحق والعدالة، لا على المساومة مع من دمّروا البلاد، مؤكدًا أن لا مجال لعودة من وصفهم بـ“الشرزمة القديمة” إلى حكم السودان مرة أخرى

وفــي كلمته المفـــعمة بالحس الوطني، شدد على أن حكومة الــــتأسيـــس ترحّب بكل مبادرة سلامٍ حقيقيّة تحفظ كرامة السودان وسيادته، مشيرًا إلى أن القتال لم يكن خيارًا بل قدرًا فرضته الظروف، وأن الأشاوس سيواصلون النضال حتى تتحرّر كل بقعةٍ من أرض الوطن.

وفــي لحــــظةٍ لامـــست مشاعر الحاضـــرين، تـــحدّث الإعلامي المخــضرم الأســتاذ نجم الدين دريسة عــن دور الإعلام الوطني في دعم دولة القانون والعدالة، مؤكدًا أن الكلمة الصادقة لا تقلّ شرفًا عن رصاصة المقاتل في الميدان.
ثم قــدّم قصيدةً نضاليةً ثوريةً أشعلت القاعة حماسًا، استعاد فيها ملامح النضال السوداني، ممجّدًا صمود المقاتلين وبسالتهم.
كما وجّه تحيةً خالصةً إلى القائد المؤســـس المـــشير مــحمد حمدان دقلـــو، واصـــفًا إيّاه بـ”القــــائد المغـــوار ورجــل الهامـــش الـــصادق والوفــي” الذي وقف إلى جانب شعبه في أحلك اللحظات، مؤمنًا بقضية الوطن والمهمّـــشين.
وأكــــد دريســة أن دقـــلو لم يكن قائـــدًا يبــحث عن سلطة، بل مؤســـسًا لدولــــة العـــدالة الجديــدة، دولــة يتــــساوى فــيها الجميع، مشيدًا بتحالفه الوطـــني مع القائد عبــدالــعزيز الحلو، والهـــادي إدريس، وبقيـــة قادة حركات الكــفاح المــسلح {الــشرفــاء} الذيــن وحّدوا صفوفهم دفاعًا عن الســودان.

واختُتـــم الاحتــفال بكلمةٍ مؤثــرةٍ للأستاذ حامد النويري، الذي جدد العهد باسم حكومة التـــأسيـــس على مواصلة درب النضال والبناء، مؤكدًا أن تحرير الفاشر ليس نهاية الطريق، بل بداية عهدٍ جديدٍ من الحرية والعدالــة والوحــدة الوطنيــة، وأن عــودة الجيــش القومــي{ جـــيش تأســيس} إلى الخرطوم وأم درمان ومدني باتت قريبةً بإذن الله

مــن فاشر السلــطان بدأت القصة، ومن تضحيات الأشاوس ودماء الأوفياء كُتبت الحكاية.
إنها ملحمة السودان الجديد؛ وطنٌ يُبنى على العدالة لا على الإقصاء، وعلى المساواة لا على التمييز.
تحـــرير الفاشر لم يكن حدثًا عابرًا، بل إعلان مـــيلادٍ جديدٍ لوطنٍ يتـــعافى من جراحه، وينــهض من بيــن الركام ليــقول للعالــم

هنــا الســودان وهــنا يبـــدأ فـــجر الـــتأسيـــس

 

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.