المؤتمر الاقتصادى الأول.. نيالا تنفض غبار الحرب وتتجه نحو الإصلاح

نيالا-عين الحقيقة

لا يخفى على أحد حجم الدمار والخراب الذي طال البنى التحتية وإختلال الميزان الاقتصادي والتجاري نتيجة حرب 15 أبريل. ورغم الأهمية الاقتصادية لولايات غرب السودان وما تدخره من موارد فى باطن الأرض وخارجها، إلا أن الحرب دمرت البنى الاقتصادية والتجارية في كامل الإقليم ونيالا أخذت نصيبها من الدمار، في وقت كانت تعتبر فيه ميزان تجاري مهم وبوابة اقتصادية مهمة لغرب السودان، وتعتبر من أكبر المدن التي تتوافر بها مصارف والتي تقارب ال 30 بنكا وبها أكبر كتلة نقدية. وذات الأهمية الاقتصادية والتجارية تنطبق على بقية ولايات دارفور الخاضعة حاليا لسيطرة قوات الدعم السريع.
ولمعالجة الآثار الاقتصادية والتجارية والنقدية للحرب، جاء المؤتمر
الاقتصادي الأول لولايات دارفور الذي استضافته مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور والذي أختتم أعماله يوم الثلاثاء بعد يومين من التداول والنقاش.

وجاء المؤتمر الذي شاركت فيه ولايات شرق وجنوب وغرب ووسط دارفور عنوان ” اقتصاديات الحرب والتنمية المكانية (الاسباب- الأهداف- الوسائل والغايات)تحت شعار “الإدارات المدنية تأسيس، بناء، تعمير”.

خبراء اقتصاديون: المؤتمر وضع اللبنة الأساسية لحكومة تأسيس القادمة

وقال خبراء اقتصاديون أن مخرجات المؤتمر إذا وجدت حظها من التنفيذ، ستضع اللبنة الأساسية لحكومة تأسيس القادمة وتكون الإدارات المدنية بمناطق السيطرة قد حققت الشعار الذي حمله المؤتمر.
مخرجات المؤتمر
توصيات عديدة خرج بها المؤتمر بلغت في مجملها 39 توصية، تلاها مقرر المؤتمر صلاح الدين أحمد الموج، منها الدعوة لخق أسواق بديلة لتسويق المنتج المحلي، تفعيل إيرادات الوحدات ذات الطابع المركزي بمناطق سيطرة الدعم السريع ” الجمارك، الضرائب المركزية، المواصفات والمقاييس”، مع توفير الحماية للعاملين بالقطاعين العام والخاص، لاسيما العاملين في مجال التحصيل وتفعيل دور الإدارة العامة لمكافحة التهرب الضريبي وتمكينها بالمعينات اللازمة وتفعيل دور المراجع العام بالولايات، علاوة على بناء قاعدة بيانات تشمل جميع المواعين الايرادية ورفع الوعي الضريبي لدى الممولين، تأهيل المحاجر البيطرية لعمل الصادر، إعادة تأهيل معمل نيالا الإقليمى للأمصال واللقاحات، وتوفير وسائل وآليات مكافحة الأوبئة والآفات الزراعية مع توطين التقاوى المحسنة محليا.

وشددت التوصيات على وقف التحصيل العشوائي وإزالة كافة البوابات غير القانونية على الطرق الرئيسة، وإيقاف الإعفاءات فى التحصيل دون استثناء وعدم استغلال النفوذ والسلطات، تفعيل البرتوكولات والإتفاقيات التجارية مع دول الجوار، بجانب صيانة وتأهيل الطرق والكبارى بالولايات وتفعيل التجارة الحرة وتجارة الحدود.
وأشارت التوصيات الى ضرورة التنسيق مع الوكالة السودانية للإغاثة والعمليات الإنسانية والمنظمات حول سداد ضريبة الدخل الشخصي والعطاءات، ولاية وزارة المالية على المال العام فى إطار القوامة والرقابة، تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص ورفع كفاءة الكادر البشري بالتدريب والتأهيل، تعزيز كفاءة التحصيل وتوسيع المظلة الضريبية للحد من التهرب الضريبي.

التوصيات: يجب انشاء بورصة دارفور الوطنية، وإنشاء بنك دارفور الوطني

وأمنت التوصيات على ضرورة تعزيز مصادر الطاقة الكهربائية وشبكات المياه، تركيب شبكات الإتصالات لتوفير الأمن والتواصل الفعال، استقطاب تمويل للمشروعات المدروسة علاوة على الدعوة لإنشاء بورصة دارفور الوطنية، إنشاء بنك دارفور الوطنى “بنك التنمية والإدخار الوطنى”، تمكين إدارة تجارة الحدود بالولايات بتوفير الوسائل الحركية وتحديد المسارات وتأهيل المعابر الرئيسية وتجهيز قوائم الصادر والوارد مع بناء موانئ موانئ جافة بالولايات مع موأمة قانون إدارة تجارة الحدود مع الظروف الاستثنائية.
واختمت التوصيات بالدعوة لتطوير البنى التحتية للأسواق وإنشاء مراكز تسويق حديثة مجهزة بمرافق تخزين وتبريد، تحسين شبكات النقل لربط مناطق الإنتاج بالأسواق، وتمكين المزارعين من الحصول على التمويل من خلال برامج تمويل مالي وتعزيز نظم المعلومات.
التحصيل الرقمى
كما طالب المؤتمرون بضرورة تنفيذ مقررات المؤتمر من أجل عودة الميزان الإقتصادي والتجاري بولايات السيطرة.
ويقول رئيس الغرفة التجارية بجنوب دارفور محمد حسين ضي النور إن المؤتمر وضع الأساس المتين لمعالجة المشكلات العالقة وعلى رأسها إزدواجية التحصيل.
وحيا ضي النور رجال المال والأعمال بمناطق السيطرة الذين ضحوا بأموالهم وصبروا في إشارة إلى هجرة الكثير من رؤوس الأموال بسبب الحرب وتابع ” رأس المال جبان ونحن نرفع القبعة لك تاجر صحى بماله حتى بدأت الحياة تتعافى في نيالا، وأصبحت البيئة مواتية لإعادة الأنشطة التجارية.
وأشار ممثل الغرف التجارية الى أن التمويل أحد التحديات الماثلة وقال إن نيالا وحدها كان بها عدد “27” بنك واليوم ليس بها أي بنك وكذا الحال بالنسبة لولايات دارفور، داعيا رؤساء الإدارات المدنية والغرف التجارية الى تكوين محفظة لتمويل صغار المزارعين حتى يتمكنوا من الزراعة ومضاعفة الإنتاج. وتابع بالقول” نحن لدينا تجربة في الموسم الزراعي الماضي ونتيجة لعدم توفر مؤسسات التمويل كتجار قمنا بتمويل 700مزارع”.
وشدد ضي النور على ضرورة الإلتزام بتنفيذ مخرجات المؤتمر وخاصة فيما يخص إزدواجية التحصيل بين الولايات ، معترضا خطوات التحصيل الممارسة حاليا ولابد من إدخال التحصيل الرقمى، مضيفا أنهم كغرفة تجارية بجنوب دارفور سيجلبون جهاز من جنوب أفريقيا بقيمة 25 ألف دولار يسلم للولاية حيث أن هذا الجهاز يقوم بربط عدد 50 هاتف إذا وزع لخمسين موظف تحصيل سيساعد فى ربط التحصيل بالشبكة ويحد من الفساد.
ورحب ممثل الغرف التجارية بحكومة التأسيس القادمة.

 بلايل: هناك توجيهات واضحة من القيادة لكل منسوبي الدعم السريع بالإبتعاد من التحصيل والجبايات والأسواق

تمهيد الطريق
القيادة الأولى المتقدمة لقوات الدعم السريع بولاية جنوب دارفور وضعت خطوات جادة لحسم كافة الظواهر السالبة ومعالجة إختلالات التحصيل والجبابات التي تمارس فى البوابات والارتكازات غير القانونية.
حيث أكد قائد القيادة المتقدمة العميد أبشر جبريل بلايل فى كلمته فى ختام أعمال المؤتمر الإقتصادى بنيالا إلتزام مؤسسة الدعم السريع بتنفيذ مخرجات المؤتمر موجها رسالة لقواته بأن هناك توجيهات واضحة من القيادة لكل منسوبي الدعم بالإبتعاد من التحصيل والجبايات والأسواق.
وتعهد العميد البشر بلايل بإنهاء التفلتات وحسم ماتبقي من ظواهر سالبة وتابع “هناك من يرتدي زى الدعم السريع ويشفشف باسمه وإلتمسنا ذلك فى الخرطوم والجزيرة ولكن بعد اليوم لا مجال للشفشافة”.
وحيا بلايل جهود القائمون على المؤتمر الإقتصادى الأول وقال إن موارد دارفور وكردفان لو وجهت بطريقة صحيحة ستعالج مشكلات كل الولايات.
وأكد جاهزيتهم لتأمين الموسم الزراعى مطالبا حكومات الإدارات المدنية بوضع خطة الموسم الزراعى مبكرا.
خارطة طريق للإدارات المدنية
المؤتمر الإقتصادى الأول الذي إستضافته نيالا وضع خارطة طريق لحكومات الإدارات المدنية بولايات السيطرة لمعالجة الإختلالات والآثار الاقتصادية والتجارية للحرب إذا ماتم تنفيذ تلك المخرجات.
وأبدى رئيس الإدارة المدنية بولاية جنوب دارفور ممثلا لبقية الولايات يوسف إدريس يوسف سعادتهم بالمؤتمر الذي وضع الحلول للمشكلات الإقتصادية وكيفية علاجها.
وقال يوسف إن أهمية المؤتمر تكمن في معالجة قضايا إلارتكازات والتحصيل المزدوجة والتحصيل غير القانوني بين الولايات.
وذكر أن الشاحنات التجارية عندما يتم التحصيل فى بورصة نيالا، يطبق فى زالنجى ومن ثم الجنينة لذلك لابد من الالتزام بالتحصيل الموحد مع أخذ رسوم العبور فقط.
ودعا يوسف الى أهمية التقيد بقانون الإدارات المدنية فيما يتعلق بمسألة الموارد القومية باعتبارها حصص تقسم في مناطق السيطرة.

رئيس الإدارة المدنية: نلتزم كحكومات بتنفيذ توصيات المؤتمر، والتأمين على إزالة كل الإرتكازات ماعدا المعنية بتعزيز الأمن

واعتبر رئيس الإدارة المدنية المؤتمر التأسيسي الأول بأنه يمثل اللبنة الأولى لحكومة تأسيس القادمة، كاشفا عن خطوات لحل قضية التحصيل الإلكتروني لقفل الطريق أمام أي تلاعب بالمال.
ووجه يوسف إدريس رسالة لكافة التجار والراسمالية الذين تركوا الولاية لظروف الحرب بالعودة الى دارفور لان الأوضاع الأمنية الان أمنة ومستقرة لممارسة الأنشطة التجارية وتابع ” هناك من يروج بأن محالكم التجارية ومنازلكم قدم تم التعدى عليها، نقول لكم نحن هنا لا يوجد عندنا قانون الوجوه الغريبة ومحالكم التجارية ومنازلكم ستظل محفوظة الى ان تعودوا إليها.

واكد رئيس الإدارة المدنية بالولاية إلتزامهم كحكومات بمناطق السيطرة بتنفيذ توصيات المؤتمر، والتأمين على إزالة كل الإرتكازات ماعدا المعنية بتعزيز الأمن.

وقال إن تجارية الحدود من المؤرقات الكبيرة ولابد أن تكون مواردها قومية تقسم بين مناطق سيطرة الدعم السريع بالتساوي.
جدد يوسف شكرهم لكل الوفود المشاركة قائلا ” لهم نحن وأنتم شركاء فى التنمية”.
دعوة للتواصل التجاري
فيما دعا الأمين العام لتحالف القوى المدنية قمم د. مهدي الهادي حكومات ولايات السيطرة والأجهزة المتخصصة الإهتمام بمخرجات المؤتمر وأن تلعب المجالس التأسيسية الولائية دورا مهما في ترسيخ وسن قوانين تحمي التوصيات.
ودعا مهدي الغرف التجارية المشتركة الى التواصل فيما بينها وفتح آفاق التجارة وتيسير عملية إنسياب البضائع.
وجدد الأمين العام لقمم حكومات ولايات السيطرة المشاركة في المؤتمر الحرص على التوصيات وإيداعها في منضدة حكومة السلام القادمة المتوقع الإعلان عنها في القريب العاجل.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.