حكومة بورتسودان والسقوط الاخلاقي .. إستخدام الدواء سلاح ضد المواطنين
بورتسودان – عين الحقيقة
بحلول 15 – أبريل الجاري، تكون الحرب دخلت عامها الثاني، ولا زالت معاناة المواطنين تزداد، وخصوصاً في جانب حصولهم على المساعدات الإنسانية والدواء، وتأتي معاناة المواطنين من خلال إستخدام حكومة الامر الواقع في بورتسودان للدواء كسلاح ضد المواطنين في المناطق الواقعة خارج سيطرتها، وفي سبتمر من العام 2023 كانت أخر شحنات من حصص الدواء تم ارسالها من قبل وزارة الصحة الاتحادية الى إقليم دارفور عبر الطوف الذي كانت تشرف عليه القوة المشتركة المحايدة بقيادة مني أركو مناوي حاكم إقليم دارفور، الا ان تلك القوافل توقفت بعد أن أعلنت الحركات المسلحة خروجها عن الحياد والانحياز إلى الجيش في القتال، وضاعف ذلك الأمر من معاناة المواطنين في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع.
وفي الأيام الاولى للحرب نقلت الاخبار الواردة من إقليم دارفور أن مرضى الكلى في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور ماتوا جميعاً، وفي السياق قال الدكتور محمد عمر فاروق اختصاصي جراحة الكلى أن انعدام أدوية غسيل وزارعي الكلى في بداية الحرب تسبب في كارثة كبيرة أدت إلى وفاة العديد منهم، وذكر أن هذا الأمر يتطلب تحقيق دولى يحدد مسؤليات أطراف الحرب وأين دور وزارة الصحة الاتحادية التى لديها مسؤليات قانونية وأخلاقية حسب المواثيق الدولية المنظمة لأعمال الصحة كما أن وزارة الصحة الاتحادية لديها برتكولات واتفاقيات دولية مع منظمة الصحة العالمية وعدد من الصناديق الدولية المانحة في مجال الصحة وهي قطع شك تدعم حكومة السودان ممثلة في وزارة الصحة الاتحادية بملايين الدولارات، وأضاف قائلاً :(لذلك هذا الأمر فيه شبه جنائية تستوجب التحقيق الدولى).
وبعد ان خرجت قوات الحركات المسلحة بقيادة مناوي وجبريل عن الحياد وتعثر وصول الدواء، صنفت حكومة بورتسودان جميع المواطنين الواقعين تحت سيطرة الدعم السريع بأنهم أعداء حرمتهم من الأدوية المنقذة للحياة، فذكرت عدد من التقارير موت عدد كبير من المواطنين من أصحاب الأمراض المزمنة مثل السكري وضغط الدم وأمراص القلب، خصوصا في مناطق الخرطوم وكردفان ودارفور .
فيما قدمت دول مثل السعودية ممثلة في مركز الملك سلمان للمساعدات الإنسانية والحكومة القطرية والإمارات وتركيا دعماً سخياً لحكومة بورتسودان ممثلا في أطنان من الأدوية للسودانيبن، لكن وزارة الصحة الاتحادية ظلت تكدس هذه الأدوية بحسب مصادر مطلعة وظلت توزعها على الولايات التى يسيطر عليها الجيش السوداني مثل الولاية الشمالية ونهر النيل وولايات شرق السودان، وظلت هذه المعونات تسرب إلى خارج السودان كما شاهد العالم في بداية الحرب القبض علي شحنات من الأدوية المهربة إلى جمهورية مصر في الوقت الذي يموت فيه المواطن السوداني في مدن (الفولة والجنينة ونيالا وذالنجي) بسبب انقطاع الأدوية المنقذة للحياة ويعتبر ذلك جريمة حرب تضاف الى سجلات وزارة الصحة الاتحادية.
وظل صندوق الأمم المتحدة للسكان في السودان يقدم دعما كبيراً للشعب السوداني فيما يعرف بأدوية الدعم العالمي لأمراض الدرن والايدز والملاريا وتشرف علي توزيعها وزارة الصحة الاتحادية ممثلة في هيئة الامدادات الطبية، لكن وبحسب الدكتور صيدلي سفيان موسي عبداللطيف المختص في الصيدلة فان امراض مثل الإيدز والسل لا تتحمل انقطاع العلاج فهي أمراض تحتاج إلى وقت طويل للعلاج وأي انقطاع لهذه الأدوية يؤدي إلى مضاعفات تؤدي الي الوفاة في حال انقطاعها، وهذا ما حدث لكثير من المرضي، وحتى الان لم تكشف الوزارة أو حتى برنامج الدعم العالمي التابع للأمم المتحدة عن الأرقام المهولة للذين ماتو بسبب هذه الاجراءات الأمر الذي يستدعي إجراء تحقيق دولى حول هذا الأمر.
وما بين هذا وذاك تبقي الحقيقة المرة هي أن حكومة بورتسودان قد استخدمت الدواء كسلاح عاقبت به المرضي خصوصا المتواجدين في مناطق خارج سيطرة الجيش السوداني، وهذا التواطؤ كشف عن استغلال الجيش للمؤسسات الصحية والطبية التى كان يجب ان تكون مؤسسات مستقلة بعيدا عن تسيسها لأنها مؤسسات تحكمها قوانين وأخلاقيات حتي في زمن الحروب وعليها أن تلتزم بتقديم الخدمة الطبية للمرضي دون تمييز او انحياز، بل كان عليها أن تلتزم بقسم (أبوقراط) الطبي وهذا ما فشلت فيه حكومة بورتسودان ممثلة في وزارة الصحة وأذرعها المختلفة.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.